أهمية الهدرزة في مربوعة "أنتيكة" ....
منذ أسابيع, لعلها كانت قبل أو بعد أول سبتمبر هذه السنة عرضت الفضائية الليبية نقلاً مباشراً لحفل غنائي أحياه بعض "الفنانين". كان منشط هذا الحفل الساهر الذي طال الى الساعات الأولى من الصباح هو "قزقيزة" و الذي كان يخاطب الحاضرين بين فقرات الحفل و كأنه مدرس أو مدير مدرسة إبتدائية .."اه..شفتوا كيف أنتم حلويين و كويسيين..." " اه خليكم هاديين .. خلي إلي يشوفوا فينا يقولوا الجمهور الليبي متحضر و ..و..."
لعله آن الأوان أن يهمس مشفق في أذن يوسف الغرياني و يقنعه أنه قد كفى ما كان, و ليشفق على نفسه من هذا السفه و الذي وصل حد المهزلة في مساهمته الرمضانية هذا العام ( و هذا موضوع أخر...).
هذا الحفل كان برعاية و في ساحات مستشفى د. خليفة بن عسكر...و قدم في آخره مدير المستشفى شهادات و هدايا للمكرمين ...و هؤلاء أصبحوا قائمة من الأسماء مكررة كالإسطوانة المشروخة و كأن ليبي عقمت أن تلد بعدهم ...عريبي و آخرون...سؤال: من الذي خولك يا مدير المستشفى التصرف في ميزانية المستشفى و الإنفاق على هذا الحفل؟ و أنت تشكو من ضعف الميزانية..و كان آخر هذه الشكاوى في مساهمتك الجبارة في الحلقة الأخيرة من برنامج الأحد..للأهمية؟
للأهمية؟...هذا البرنامج في الفضائية الليبية أصبح قصة...و لاشك أنه نجح في شد الكثيرين ربما من المقيمين خارج البلد أكثر من المواطنين في داخل ليبيا. و لعل الفكرة في مثل هذا البرنامج عرض قضايا و مشاكل يعانيها المواطن في المجتمع الحر السعيد..و تقوم الفكرة على الحديث للمواطن و المسئول..و لكنه طبعاً يتطلب من المذيع "الاستاذ خالد" الكثير من الجهد و الشجاعة...نترك تقيم نجاح الاستاذ خالد من عدمه ألان و نعود الى الحلقة الأخيرة...قطاع الصحة كلأ مباح لا يصعب العثور فيه على اختناقات و مشاكل و مأسي تبكي الأموات لو سمعوا بها....
في بداية الحلقة قدم الاستاذ خالد مأساة فتاتين في ربيع العمر...الاولى تعاني تشوه في العمود الفقري (يصر خالد و ضيوفه على وصفها بالخُلوقية!) و الثانية تعاني عافاكم الله من تشوهات متعددة منذ الولادة. و لا شك أن الحالتين استدعاتا في الماضي و ستستدعيان في المستقبل تدخلات جراحية متعددة..حكى خال الأولى و والد الثانية من المعاناة و المشي و الجي بين أبواب الصحة في جماهيرية النعيم الأرضي.. و القصة من هذا الوجه ليست جديدة ...راقد الريح مقابل من له واسطة ...
الحوار دار حول سعي الأهل لعلاج مريضتيهما بالخارج لعدم توفر العلاج في مستشفيات ليبيا العملاقة...
و قد يكون صحيحاً أن هاتين في حاجة ماسة للعلاج بالخارج... لكن الحوار تدهور إلى تقليعة جديدة في الدوائر الإعلامية و الصحية الليبية, تلك هي دور ما يعرف بالطبيب الزائر..و كأن هذا هو الحل لمشاكل المواطنين الصحية المستعصية..
و هذا تبسيط مخل..إختزال الخدمات الصحية في إستخلاب أطباء زوار يأتون و يقدمون حلول سحرية لمشاكل صحية قد تكون غاية في التعقيد أحياناً و تستوجب تدخلات متكررة و على فترات قد تطول أو تقصر..يكون للطبيب فيها دور مهم و لكنها تتطلب أيضاً تمريضاً و علاجاً طبيعياً و خدمات مساعدة أخرى لا يستطيع برنامج الطبيب الزائر الوفاء بها. يا سادة مشكلات الواطنين الصحية لا يمكن حلها بطبيب زائر( !) وإلا لو صح ذلك فلا داعي أصلاً لبناء مستشفيات في البلد..فقط إستجلب مجموعة أطباء أخصائيين كل اسبوع.
الصحة يا سادة منظومة خدمات متكالمة تتعامل مع الحالات من نزلة البرد الحادة إلى الحالات المتقدمة من الأورام عافكم الله التي لا علاج لها. منظومة تجيب عن سؤال واحد: أين أذهب إذا مرضت أو مرض أحد أحبائي؟ و يتفرع من هذا..أني حين أذهب لهذا المكان أتوقع مستوى من الخدمات يليق بأدميتي..
الواقع الآن هو أن أول ما يفكر به من يرض في ليبيا أو يصاب له قريب أو حبيب هو إلتقاط جواز سفره وإلى رأس جدير أو عمان أو جنيف ..و هذا يعتمد على من تكون و من تعرف!!
و في هذا الوقت يصور برنامج الطبيب الزائر على أنه حل ناجع ..لا يا أستاذ خالد ....
ثم يستمر البرنامج دون الحديث إلى مسئول واحد يمكن أن يتولى مشكلة الفتاتين..وهذه أحد مشكلات برنامج للأهمية..
و هو في هذا لا يختلف عن إجتماع ليبين في مربوعة.. الكل يذكر مشاكل و أمثلة لمشاكل..و قصص و حكايات..وينصرف الجميع من حيث أتوا ليعاودوا الكرة في أقرب مناسبة تالية...دون حل!
يا أستاذ خالد مهمة هذا النوع من البرامج- حتى لا تكون اداة من أداوات إمتصاص الغضب و التزيف- لا تتوقف عند ذكر المشاكل..مهمتها تتجاوز ذلك إلى محاولة الإجابة عن أسئلة من السئولين ..حتى و لو إمتنعوا, فعندها يكون تمنعهم إجابة من حق المواطن أن يطلع عليها!
ثم إنتقل الكلام إلى الحديث عن إلتهاب الكبد الوبائي بأنواعه..و الضيوف كانوا دكتور ناصر أخصائي طب تجانسيو الحاج الرابطي أخصائي أعشاب و مواطن إصيب بإلتهاب كبدي في بداية سبتمبر الماضي, نسائل الله له الشفاء. عرضت حالة هذا المواطن الذي تحسنت حالته و الحمد لله بعد أسابيع من العلاج البديل أو المتجانس..و قدم هذا كدليل على نجاعة هذا النوع من العلاج...و أكد الدكتور ناصر و الحاج الرابطي لنا أهمية الإلتزام بالخطة العلاجية المتجانسة , ستين يوم معناها ستين يوم و طبعاً إذا لم يتحقق الأثر المطلوب يكون السبب قطعاً عدم إلتزام المريض! مالا معرفه هذا المواطن و لا الحاج الرابطي و لا الاستاذ خالد و لم يتطرق له الدكتور ناصرالذي أبدى إستعداده لتدريب ما تيسر في مجال الطب المتجانس- ما لم يأتي على ذكره أن عدوى الإلتهاب الكبدي من نوع (بي) أو (سي) يمكن أن يتعافى صاحبها دون علاج أصلاً في 90% (بي) و 20%(سي). فلا دليل !!!!!!
لم يسعفنا في هذه الجزئية حتى الأخت مهندسة الديكور لحلقة الأحد الماضي و التي أقحمها خالد في الحوار بدون مناسبة فأدلت بدلوها, و لكن ليس قبل أن تقدم فقرة إعلانية لصالح محلات أنتيكة! لا أشك أن الأخت قد بدلت جهداً جباراً لإظهار هذه الحلقة بالمنظر المشرف و إن كنت لا أعتقد أنها مسئولة عن ظهور الخلفية التي خلف خالد في معظم أجزاء البرنامج و كأنها سرانتي جارج!
أستاذ خالد...الخلط في هذا البرنامج مضيع للرسالة التي تود إرسالها...درجة أعلى من المهنية ضرورية كيما يخرج البرنامج من هدرزة في مربوعة مع الحاج الرابطي و دكتور الطب المتجانس و مهندسة الديكور برعاية محلات أنتيكة!
الحفيان
El7efyan@yahoo.co.uk
http://tripoli-blogger.blogspot.com/
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home