الأربعاء، فبراير 08، 2006

ليست عبّارة موت واحدة

ما وصل من أخبار هذه العبّارة و هذه المأساة و التي راح ضحيتها ما يقرب من ألف من بسطاء الناس قضوا غرقاً في البحر الأحمر و طريقة تعامل الإعلام المصري معها و ردة فعل الحكومة المصرية و الشركة المالكة، كل ذلك يلخص مأساة الشعوب المتخلفة.
أرواح الناس رخيصة بشكل!
عبّارة متهالكة + شروط سلامة معدومة + ظروف تشغيل خطيرة + مستهلكين غلابة لا يجرؤن على الإعتراض على شيء و لا أن يقولوا للمخطيء: أنت مخطيء + رقابة منعدمة أو فاسدة، و على بابك يا كريم.
وحين يقع المحضور و تحل الكارثة، علينا أن نحوقل و ندفن موتانا أو أن نستخرج شهادات وفاة – و نعود كما كنّا.
هذه ليست الحادثة الكارثة الأولى من كوارث المواصلات في أكبر دولة عربية، فقبلها قطارات و عبّارات و طائرات، و سيكون بعدها الكثير أيضاً. و كل ما في مصر من تخبط و تخلف عندنا منه في جماهيرية الشعب الحر السعيد الكثير و لدينا مزيد.
أحد ما يميز دول العالم الأول حين الحوادث و الكوارث، هو طريقة التحقيق التي تتبع هذه الحوادث، و التي لا تهدف إلى تحديد المسئولية- و الذي يلحقه العقاب فقط، بل- و هذا الأهم يهدف التحقيق إلى أن تحول توصياته من أن تقع الكارثة أو الحادثة مرة ثانية لتوفر نفس الأسباب. هذا ما يمكن وصفه بتشريح الحدث.

أذكر أن أعلى ضباط الدفاع المدني قال بعد حريق الطريق السريع أن سيارات الإطفاء كانت في مكان الحادث بعد ستة دقائق تحديداً!!! ستة دقائق يا أفندينا لا تكفي لخروج سيارات المطافيء من مخابئها فضلاً على دخول السريع و وصول مكان الحريق- مستعملة طبعاً حارة الطوارئ في الطريق السريع!

تبحثون عن عبّارات الموت، إنها و للأسف كثيرة، الافكوات و الطرق و محطات البنزين و الصيدليات و المستشفيات العامة منها و الخاصة ...إلخ.

المواطن في عالمنا العربي إنسان مقهور، و يدخل في ذلك المواطن في المجتمع الحر السعيد، هذا و إن قرر القائد ال...ال...ال...أن ليبيا لم تعد عربية و أن إنتماءها هو لأفريقيا- و كأن الأخيرة جنة الله على الأرض. مواطننا يا سادة وصل به القهر إلى حدّ أنه لم يعد قادراً حتى على ردّ الفعل فضلاً عن أن يكون فاعلاً، و حتى حين يستفز في مقدساته تأتي ردة فعله بمصائب أكبر.
المواطن في هذا الجانب من العالم أُنسي أن من حقه أن يقول لا للظلم و الإهمال و العبث...أنسي أنّ من واجبه أن يقول لا للظلم و الإهمال و العبث، نعم من واجبه ذلك – و من واجب النخبة منه بالذات أن يقف ضد الظلم و الإهمال و العبث. لكن هل فعلاً لدينا نخبة؟ و لنا عودة لهذه النخبة المتخلفة
الحفيان
El7efyan@yahoo.co.uk