الأربعاء، مارس 15، 2006

"و يستمر مسلسل "الفك عكس التركيب

لعله من الأمور الطبيعية جداً أن لا يوافق مواطنوا دولة ما على كل قرارات حكومة تلك الدولة أو حتى على معظمها، فللإدارة التنفيذية في أي دولة مهام وأولويات قد لا تتفق تماماً مع كل آمال أفراد الشعب، و لكن يبقى أن تصرفات الحكومة في أي دولة يجب أن تدور في إطار المصلحة العامة لمواطني تلك الدولة و إن إصطدمت بإختيارات بعض أفراد مواطنيها. لكن ماذا لو كانت تصرفات الحكومة في دولة ما تدور حول نفسها في تخبط دائم؟
موقع اللجنة الشعبية العامة على الإنترنت إجمالاً كان خطوة تحسب للدكتور شكري غانم، رغم أي سلبيات و رغم ما يرى البعض من أن الدكتور قد نجح أو فشل في إدارته للجنة الشعبية العامة خلال السنوات القليلة الماضية، و لعل تقييم فترة الدكتور شكري غانم في رئاسة الوزارة في ليبيا أن يترك الأن للتاريخ، فهناك من المهام العاجلة التي تشغل أي ليبي غيور ما يجعل تشريح فترة وزارته مهمة غير عاجلة
قلت نقل الموقع خبراً مفاده أن
من ناحية أخرى اعتمد د. شكري غانم في الأول من شهر الربيع (مارس) من ضمن آخر القرارات التي عتمدها قرار اللجنة الشعبية العامة رقم 36 الخاص باعادة تنظيم الثانويات التخصصية لمرحلة التعليم المتوسط بحيث تكون مدة الدراسة فيها 3 سنوات بعد اتمام شهادة التعليم الأساسي وأن يتم اختصار التخصصات في جانبين هما العلمي (أساسية وتطبيقية) والأدبي (انسانية واجتماعية) وأن يضم كل جانب تخصصين فقط وذلك مراعاة للظروف والامكانيات ومتطلبات الدراسة في هذه المرحلة والتي تليها. على "أن يبدأ العمل بالتعديلات الجديدة بدءا من العام الدراسي القادم 1374 - 1375 و.ر 2006 - 2007 م

!بالضبط ... يتم إختصار التخصصات في جانبين هما العلمي و الأدبي
يعني ترجع الثانوية العامة كما كانت. من حيث المبدأ ليس هناك محضور في رجوع أي حكومة عن أي قرار تصدره ثم يتبين أنه غير ناجع، لكن المصيبة في المجتمع الحر السعيد هو أن الإنسان لا يحتاج أن يكون خبيراً متفرداً ليدرك الأخطاء بل المصائب التي تتظمنها القرارات الصادرة عن اللجنة الشعبية العامة أو ما يسمى بمؤتمر الشعب العام.
الإشكالية أدهى و أعظم حين تصدر هذه القرارت بناءاً على توجيهات "القايد"، فهي عندها غير قابلة للنقاش- و الأمثلة على ذلك كثيرة، و في النهاية يأتي "القايد" و يتنصل عن المسؤلية – و ذلك بعد خراب مالطا طبعاً، و أموال و أوقات تهدر و مستقبل شباب يتلاعب به، و بالتالي مصير بلد يظل تحت التجربة.
أدلجة القرارات و القوانين في ليبيا مسألة يجب التوقف عندها كثيراً و يجب أن تتوقف و إلا سيستمر الرفس و التردي.
*****

إنتظر البعض إجتماع المجلس التشريعي في ليبيا "مؤتمر الشعب العام" وجاء كالعادة مخيباً للآمال، و مظهراً لمشاكل هيكلية في ألية إتخاذ القرار في ليبيا. بدأه "القايد" بحكم و عبر على الليبين- و طبقاً للقوانين النافذة أن يتخذوها "منهج عمل" لا يناقش.
إن المرء ليحار كيف يرتضي الليبيون و تحت أي ظرف و أي مسمى أن يتخذوا من كلام بشر في الماضي و الحاضر و المستقبل "منهج عمل"! هكذا شيك على الأبيض كما يقولون!
من ذا الذي لا يسأل عن ما يفعل؟
من ذا الذي لا ينطق عن الهوى؟
من ذا الذي لا يتطرق الخطأ و النسيان و الهوى إلى كلامه لنتخذه "منهج عمل" و نصيغه قوانين!
ماذا دهى بني وطني ليسلموا قيادهم و مستقبل أولادهم لهذا العبث؟
و لا يحتج علينا أحد بأنها مجرد "توجيهات" فقط، فالجميع في المجتمع الحر السعيد يعلم أنه لا يسع أي مسؤل تنفيذي تجاوزها. ألم يجتمع أمين التعليم العالي السابق بأمناء اللجان الشعبية للجامعات لدراسة كيفية تنفيذ توجيهات "القايد" حينما إجتمع بطلبة و أساتذة الجامعات الليبية وقال: " خله كل من يبي يدخل لكلية في الجامعة خله يدخلها و خله ينجح و إلا يفشل..." (و من يدفع الثمن بعدين يا "قايد"؟)
تم إجتماع المجلس المذكور بعد أيام قلائل من لقاء "القايد" بالطلبة و الأساتذة، و المأساة في ليبيا أن نخبة المجتمع الليبي لم تر من الضرورة التنبيه إلى النتائج الكارثية لمثل تلك التوجيهات "الرشيدة".
أي معنىً بعد هذا للجامعات و التعليم العالي و الإمتحانات و مجلس التخطيط العالي و الواطي؟

و على ذكر مجلس التخطيط العام، فقد إجتمع هذا المجلس الموقر قبل إجتماع مؤتمر الشعب العام لتدارس ماذا سيفعل بمليارات ميزانية التحول لهذا العام و التي كان قد أقرها مؤتمر الشعب العام في قراره رقم 2 لهذه السنة قبل ذلك بوقت قصير، و دعى إلى إجراء دراسات جدوى للمشاريع المجمع إقرارها!
السؤال : يا إخوانا نحن الأن في الشهر الثالث للميزانية، فهلا تفضل أي فيلسوف من أفاقي الثورة من الأحمق البهيم[1] إلى الأستاذ بودبوس إلى "البروفسر" صالح إبراهيم أن يقول لنا على أي أساس أقرت الميزانية إذن؟

*****

التغيير الوزاري الأخير جاء ليواصل مهرجان "الفك عكس التركيب" و مسلسل الرفس و التردي: إلغي وزارة التعليم و الصحة و الإسكان ثم ركبها من جديد، ثم فكها ثم ركبها!
يا أخواننا "الليبيين" هذه صحة و تعليم – و الأمر كذلك لباقي القطاعات، يعني مستقبل أولادكم! فمتى ستكون لكم وقفة أمام هذا؟
و لا يحتج أحد بأن الوزارتين أعيدتا الأن و بالتالي يا دار ما جاك شر، لأن الإعتراض لا زال قائم على التلاعب بإدارة و تخطيط مجالي التعليم و الصحة، لا يمكن إدارة القطاعين إدارة يومية محلية بمنأى عن إستراتجية محددة و برنامج زمني مدروس.
المشكلة أن أدلجة القرارات و "التوجيهات" في لييبا تعني أن الإعتراض عن مثل هذه القرارات- إلغاء وزارتي الصحة و التعليم في حينه كان يعني مخالفة لتوجيهات "القايد" و هذا لا يستقيم في المجتمع الحر السعيد!
إذن يصدر القرار و ينفذ و يسبب من الفوضى ما الله به عليم، ثم يتم بهدؤ و بدون ضجة التراجع عنه و كأن شياءً لم يكن! العبث كان ظاهر من بداية صدور قرار الإلغاء ... لسنا بحاجة للموت لنستيقن أن الناس يموتون!
و يتردد كثيراً بين الليبين "خليهم يلبزوا" ، "كله خرَاف"، و كثير مثل هذا من مظاهر العجز و الإستسلام و اللامبالاة و الجهل بسنن التغير في الأنفس و الأفاق.
نعم أيه السادة، لكن هذا "الخرَاف" -أيه السادة- يعبث بمصائر و مستقبل أولادكم!
هذه بلدكم و هي بلد أولادكم من بعدكم، فإتقوا الله فيهم و أنظروا ما أنتم تاركون لهم؟

و إن المرء ليعجب من هذه الخشب المسندة فيما يسمى بمؤتمر الشعب العام و كيف تسمح لهم همهم العالية في إرسال "التهاني و التبريكات لقائد النصر و التحدي"، إنه و الله الرفس و التردي.
هذه اللامبالاة تراها واضحة في مداولات مؤتمر الشعب العام و الذي يشكل وجود الأحمق البهيم في أمانته كارثة في حد ذاتها، فهذا المخلوق يظن أن لديه وكالة حصرية على معرفة ما يجوز و ما لا يجوز و ما هو سائغ و ما لا يسوغ في إجراءات و قرارات و طريقة عمل المؤتمر، و ما يصح و ما لا يصح في ليبيا.
أما الذين معه في أمانة المؤتمر فهم يسيرون بالرموت كنترول، و خاصة "الشيخ الزناتي" و الذي لو فقه للزم بيته، فهو لا يكاد يحسن إلا أن يرفع صوته على القلة من أعضاء المؤتمر ممن يبادرون و يسألون أسئلة منطقية على المهزلة التي هي مداولات مؤتمر الشعب العام. و أقول القلة لأن المرء لا يكاد يصدق ما يدور في جلسات هذا المؤتمر.
و مثال ذلك حين أرغد و أطال و أزبد رئيس جهاز تنفيذ النهر الصناعي "العظيم" في تعليقه على ما قالته المؤتمرات في الجهاز. و أتحفنا المهندس بمعلومات عن الأبار و الحقول و كميات المياه و التي خلافاً لما كنَا نعتقد تتدفق تحت رمال الصحراء الليبية إلى الأراضي المصرية! و ذكر لنا الكميات بالأمتار المكعبة في الثانية، و قال أن الميزانية التسييرية للمشروع لا تزيد على 12 مليون دينار فقط!
لكن المهندس أغفل أن يجيب عن أسئلة أكثر بساطة:

إذا كانت الميزانية التسيرية لا تزيد عن 12 مليون دينار، فما بال ال 650 مليون دينار المرصودة للنهر الصناعي لهذه السنة؟
ثم ما دام المهندس يتحدث عن أرقام ألا يخبرنا عن المدة المتوقعة لتنفيذ المشروع و ما هي التكلفة المتوقعة؟
و لا بأس أن يعلمنا أيضاً عن عدد محطات التحلية التي كان يمكن لتلك المبالغ أن تنجزها؟ و الملاحظ جداً الأن أن الحديث عن محطات التحلية و الحاجة إليها بدأ يبرز و كنا قد إعتقدنا أنَا قد كُفينا بإنجاز "النهر العظيم"!
و هل لدى المهندس أيضاً معلومات عن تكلفة مرطة الشعير أو القمح المروية بمياه " النهر العظيم"؟
ثم ما هي المشاكل التي برزت خلال تنفيذ هذا المشروع "العظيم"؟ من مشاكل التآكل و كيلومترات الأنابيب التي جرفتها الأودية؟ فضلاً عن الأثار البيئية الحاصلة و المتوقعة لهذا المشروع؟
هذه أسئلة كان يتوقع أن تَرد في جلسة مؤتمر الشعب العام حين الحديث عن "النهر العظيم"، لكنها لم ترد! لا بد أن يحرج هؤلاء و يسألوا و كفانا ضحكاً على الذقون.

******

إنطلق أمين اللجنة الشعبية العامة الجديد بخطوات دعائية واضحة، فعن موقع اللجنة:
"أفاد الأخ أمين اللجنة الشعبية العامة د. البغدادي المحمودي أن مشكلة الحجز في وسائل نقل للشباب الذين قاموا بإيداع جزء من القيمة المقررة لوسيلة النقل في حساب أمانة اتحاد الشباب الليبي بكل من مصرفي تاجوراء وجنزور الأهليين..أن هذه المشكلة سيتم الانتهاء من حلها في غضون أسبوعين بما يضمن لكل شاب قام بحجز في وسيلة نقل أن يتحصل على حقه كاملا. هذا وسيتم الإعلان من خلال موقع اللجنة الشعبية العامة الالكتروني ووسائل الاعلام المختلفة بعد أسبوعين عن توضيح الكيفية التي سيسترد بها هؤلاء الشباب كامل حقوقهم
جميل و حسن أن ترد الحقوق إلى أصحابها لكن الأجمل أن لا تتكرر الأخطاء الفادحة.
و عن مشكلة السيارات في ليبيا فلنوفر على الدكتور عناء الدراسة و التمحيص: المسئلة و ما فيها يا دكتور أننا في بلد مترامية الأطراف و ليس فيها مواصلات عامة و ليس فيها عدد كاف من السيارات لمواطنيها- إلا إذا عديت خردة أوروبا- و نضيف إلى ذلك أن ليبيا ليست بلد مصنع للسيارات و لن تكون- إلا إذا إستثنيت "صاروخ القايد المهندس"، فبناءاً على ما تقدم و بدل الفوضى و التخبط و تحول نقابة الأطباء إلى وكالة إستيراد سيارات و روابط الشباب و نقابة المحامين الخ، فلتعطي "الخبز للخباز" و ليفتح باب إستيراد السيارات بطريقة تجارية و في وضح النهار و يفتح باب المنافسة في الأسعار و تكون بذلك سوق طبيعية تسري فيها قواعد العرض و الطلب، أم أن ذلك سيضيع "هبرة كبيرة" على بعض الذوات؟
و المنطق نفسه يسري على "مشكلة الإسمنت":
سوق متعطش + إنتاج محلي لا يكفي = يسد الفراغ بإستيراد الضرَّاب" على قولة غوَار!
و قس على ذلك مشكلة الهواتف النقالة منها و الثابتة- و لي عودة مع البريد و الهواتف في المجتمع الحر السعيد قريباً إن شاء الله.
يا أخواننا معظم مشاكل ليبيا المزمنة من هذا النوع و هي من البساطة و حلولها من البداهة بحيث لا تحتاج لأمثال ذلك الدعيَ من هارفارد الذي لهف الملايين و راح إلى حال سبيله. فمتى يستفيق الليبيون و يطالبوا بحقوقهم في العيش في وطن تعمه الحرية و العدالة و النماء؟ و متى سيعي "المعارضون" القابعون وراء البحار أنه لا "الإعلام العالمي" و لا منظمات حقوق الإنسان و لا البيت الابيض و لا الغرب أو الشرق سيسترد لهم وطنهم، و إنما هو العمل الجاد داخل الوطن لتوعية بني وطنهم بحقوقهم و حثهم على المطالبة بها بكل قوة و العمل على فضح و كشف و إحراج و الوقوف في وجه كل "ثوري" مرتزق -أو حتى غبي لم يع بعد فداحة المأساة التي جلبتها "التوجيهات الرشيدة".
و إن غداً لناظره قريب ....

الحفيان[2]
http://tripoli-blogger.blogspot.com

[1] يتكرر إستخدام إسم أحمد إبراهيم مع هذا الوصف و هذا لا يصح فالوصف لا يستقيم إلا مع ما يناسبه من الأسماء.
[2] هذا ليس لقب العائلة و لما سببه إستخدامي لهذا الإسم من إحراج لبعض من يحملون هذا اللقب فأنا أعتذر عن ذلك و أعذل عن إستخدام هذا الإسم بعد الأن إلى "ليبي حفيان".