الجمعة، أغسطس 22، 2008

لسيف القذافي شكراً...أما القضايا الكبرى فباقية

لعل من غير المجدي إنكار أن ليبيا صيف 2008 ليست هي ليبيا ثمانينات القرن الماضي و إن وجدت أوجه للشبه عديدة. فالشارع أقل إحتقاناً و هموم الناس قد إختلفت, فبوابات التفتيش و زوار الفجر و زعيق اللجان الثورية لم يعد كما كان, هموم الناس إختلفت فصار السعي وراء لقمة العيش هو الهم الأكبر اليوم..
في هذا الإطار أيضاً لا يمكن إنكار الدور الذي قام به سيف القذافي في السنوات الأخيرة في تخفيف درجة الإحتقان في الشارع الليبي بإجراءات عديدة كان العامل الأساسي فيها, و إن كان من الصعب إنتزاع الكثير من التغيرات في الدولة و الشارع الليبي من الإطار و السياق الجيوسياسي للأحداث في العالم...لكن النتيجة هي تخفيف درجة الإحتقان في الشارع الليبي. لكن الطريقة التي تمت بها هذه الإجراءات من تصفية لوكربي و تعويض الميركان و الإعتراف - و إن كان على خجل بما تم في السنوات الماضية من تنكيل و جرائم في حق الكثيرين في ليبيا من قبل النظام و أذرعه المختلفة, رسخت فكرة القائد المنقذ و المخلص, فلم يكن من الممكن أن يتم أي من تلك الأشياء في ظروف البلاد المعروفة إن لم يكن وراءها سيف القذافي و بالتالي فهي تمت بإشراف من القذافي الإبن و مباركة و رعاية القذافي الأب, الاجنده و التوقيت و الملفات و المقدار كل ذلك تم بقدر...


و سنترك للتاريخ الحكم على أهمية دور سيف القذافي في نهاية القرن الماضي و بداية القرن الحالي في مسيرة الدولة الليبية...
سيف القذافي قال أنه سيترك التدخل في شئون الدولة لأنه لم تعد هناك معارك و قضايا كبرى تستوجب منه التدخل, أولاً يترك التدخل أو لا, سنرى وإن كان أن الأصل هو أخذ الكلام على ظاهره و لم نأخذ على سيف القذافي الكذب فالرجل أوفي بما قال في السابق.

أما أنه لم يعد في ليبيا قضايا كبرى, فهذا بعيد و الصحيح أنا لم نبدء المسير بعد: ملفات القمع لا يمكن إغلاقها بمجرد القول بأنه نعم وقع ذلك, لا يمكن إغلاقها و الليبيون ما زالو يرون جلاديهم يتقلدون مناصب في الدولة....فلا أقل من إبعاد هؤلاء عن أي مناصب في الدولة.

من القضايا مسألة المرجعية أو الدستور و إزالة قوانين القمع من لوائح قوانين الدولة الليبية, ثم قبل ذلك تفكيك حزب اللجان الثورية (الحزب الأوحد في ليبيا) وإن كان لابد من بقائه فليسمح لغيره من الأحزاب وينزع سلاح اللجان الثورية, فليتم الإتفاق على هيكلية للدولة الليبية, فليتم السعي لتأكيد سيادة القانون على الجميع في ليبيا, فليتم الإتفاق على أي خطوط حمراء أو زرقاء بين الليبين- لا أن يقرر ذلك سيف القذافي دون الليبين- فليتم ذلك في إقتراع حر و مباشر, فلتطلق حرية التعبير دون خوف الخ....


إن دخول سيف القذافي لساعة الفعل السياسي و إعلانه الخروج منه لم يزد على ترسيخ فكرة المنقذ, فقد فوت سيف القذافي فرصة قد لا تتكرر لوضع عربة قطار الدولة الليبية على طريق الإنطلاق للمستقبل, فتدخله لم يتمخض عن بداية أليات لعدم تكرار قمع النظام و ظلمه,فقد تم ما تم بالطريقة و في التوقيت لأن سيف قال ذلك و لم يكن لليبيون دور, فإذا خرج سيف القذافي لم يعد في الدولة ألية لإحداث أي تغيير أو فعل حقيقي في مسيرة الدولة الليبية....



الحفيان

22/8/2008